فى الدعاية الانتخابية ليس مباحا أن ترتكب جرائم تحت شعار «الحرب خدعة»، ليس مباحا أن تدوس على كل القيم والأعراف فى سبيل المكسب، أزعجنى الكثير من التجاوز والشطط واللعب على المشاعر الدينية والتحدث باسم الله، ولكن ما شاهدته أمس صدمنى وأفزعنى أكثر، وسألت نفسى: هل من الممكن أن ندوس على كل المشاعر والقيم والمبادئ من أجل مكسب رخيص مؤقت زائل؟ هل من الرجولة والإنسانية والدين أن أستخدم طفلة، هى ابنة الشيخ الشهيد عماد عفت، فى الدعاية الانتخابية وابتزاز المشاعر واستدرار الدموع لصالح مرشح بعينه؟!! للأسف ذهب إليها بعض من تحجرت قلوبهم وتناسوا أبجديات التعامل مع الطفولة، وداسوا على براءتها ونقائها وشفافيتها، طلبوا منها أن تمسك بصورة والدها، الشيخ عماد، وتتحدث باللغة العربية الفصحى، وهى على ما أعتقد فى سن الحضانة، ترتبك ويرتعد جسدها وتهتز مع كل حرف تنطقه بصعوبة؛ لأنها تملى وتلقن: «أنا ابنة الشيخ.. ومن يريد إرجاع الحكومة القديمة فليرجع لى أبى أولا»!!

ابنتى العزيزة البريئة التى استخدمك من لا قلب لهم ولاعهد، أوهموك بأنهم يبحثون عن ثأر أبيك وكان لابد أن تسأليهم أين كانوا فى أحداث مجلس الوزراء التى مات فيها أبوك الطيب الملاك؟! وأين كانوا قبلها فى أحداث محمد محمود؟! عندما كان الشيخ عماد يتلقى الرصاص بسبب الاعتراض على حكومة الجنزورى كانوا يمدون الأيدى له ويصرون على بقائه ومنحه الفرصة، كان يهمهم فقط البرلمان، يشكلون دروعا بشرية منهم لحمايته، لم يكن يهمهم الشيخ عماد ولا دماء الشيخ عماد. الذين يطلبون منك رفع صورته الآن، لم يكن يهمهم سحل فتاة فى الشارع، لم تتحرك مشاعرهم إلا من زاوية الغريزة التى تساءلت عن العباية أم كبسولات!! وقالوا: تستاهل لأنها بنت دايرة على حل شعرها وتستاهل السحل! وفى محمد محمود أيضا تبخروا وكأنهم أشباح، فالمهم البرلمان، وطظ فى الدم والثورة والشباب، ومن قال: «طظ فى مصر» فمن السهل أن يقول طظ فى الثورة، وطظ فى كل شىء لا يوصلنا إلى هدفنا الرئيسى: بلع مصر ومضغها والتكويش عليها.

لا تصدقى أيتها الملاك من يتاجر باسم والدك الشيخ الجليل، لا تصدقى، وستفهمين عندما تكبرين أنه من أجل الوصول إلى كرسى الحكم لابد من الصعود من وجهة نظرهم على جثث الجميع، حتى لو تسلموا العرش مستقرا على خرابة! لا تصدقى أن هذه الصورة تهز مشاعرهم، فالمهم هو قبيلتهم الصغيرة، المهم «الجيتو الضيق» الذى يقصى من لا يسكن فيه ويخرج من الفرقة الناجية ليوضع فى خانة كفار قريش، من لم يهتز لدماء قاض اسمه الخازندار وسياسى اسمه النقراشى ورئيس اسمه السادات فلن يهتز لدماء شيخ خرج يعوق مسيرتهم نحو الحكم.